مش أيام القحط عشان بابا مات... لأ الحمد لله بابا وماما وفروا لنا ستوى معيشي لا بأس به يصل في بعض الأحيان لحد الرفاهية.... ولكن لأني واخوتي حظينا بنشأة تلقائية وفطرية الى حد كبير حيث لم تتدخل أي عوامل خارجية في تدمير فطرتنا السليمة...
كثير أوي كنت بحتار في طريقة تفكيرنا وتعاملنا مع الناس والمواقف المختلفة وأسأل نفسي.... هو احنا طلعنا كدة ازاي؟!!!! بنقول اللي يخطر على بالنا لأي حد في أي توقيت بدون أي الأخذ في الاعتبار أية عواقب ناجمة عن كلامنا أو حتى تصرفاتنا... مفيش كذب ولا جاملات ولا زي ما الناس بتقول اليومين دول دوبلواسية أو ذكاء اجتماعي.... لكن العكس تماما... نبعد عن أي شخص ممكن يحقق لحد مننا أي مصلحة أو ما شابه ذلك... يمكن فقريين بطبعنا... مش عارفة !!!!
ولكن يبدو أن طبيعة دراستي في كلية الهندسة أضفت الي شخصيتي التحليل والمنطق في تفسير الأشياء... وأحيانا كثيرة وضع الكلمات في نقاط...
1. مكن تكون جينات وراثية من بابا الله يرحمه... (كان صاحب شخصية بسيطة تلقائية محبة للحياة وقادرة على عمل من الفسيخ شربات زي ما بيقولوا)
2. ممكن لأننا لم نتلق أو توجيهات فكرية أو سياسية أو ثقافية لا من قريب ولا من بعيد.... من البيت للمدرسة ومن المدرسة للبيت ولا مكتبة في البيت ولا كتب ولا اتجاهات بعينها ولا غيره... كل ما نعرفه هو المذاكرة واللعب والسفر والمغامرات وخيمتين دائما في شنطة العربية مع بابا عشان نقدر نعسكر في أي مكان يعجبنا في سفرياتنا الطويلة مع أصدقاء طفولته وزوجاتهم وأولادهم
3. أو لأن طريقة التربية نفسها لم تكن في شكل أوامر ومواعظ وانما الاعتبار من قصص الأخرين... أنا فاكرة بابا زمان مرة قال لنا... مش كل عائلة أولادها بيطلعوا متعلمين.... في نفس العائلة أولاد أطباء ومهندسين وأولاد تانيين مكملوش تعليمهم واشتغلوا أي حاجة... دي سنة الحياة.... وفضلت الجملة دي حلقة في وداني.... ومن يومها وأنا حريصة أوي اني لا مفر من ان أكمل تعليمي الجامعي بأي وسيلة... لأني بالفعل شفت بعيني اللي اتعلم مستقبله بقى ازاي واللي ماتعلمش حصل له ايه.... وعلى رأي ماما "اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر على دماغه"
كبرنا ودخلنا الجامعة واضطررنا أنا واخوتي للاقامة وحدنا سنوات طويلة نظرا لظروف عمل بابا وماما خارج مصر.....
ولأننا بالفطرة وخبرتنا العملية في الدنيا تكاد تكون معدومة... فشلنا في ادارة مصروف البيت والذي يتم صرفه بالكامل أول 10 أيام من كل شهر في المطاعم والكافيهات... ولا احنا عارفين سوق ولا تدبير المصروف ليكفي بند فواتير الكهرباء والغاز والتلفون الى جانب الأكل والشرب ولا حتى اننا نصلح أي حاجة يتم تدميرها في البيت بسبب النادي اللي كان مفتوح لكل الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء والأقارب والجيران وأولاد الجيران وأي حد معدي على شقتنا....
وبناء عليه لا يتبقى لنا بعد يوم 10 في الشهر الا "الجبنة يا منيرة" على رأي الفنان الراحل سيد بدير في أحد المسلسلات أيام زمان....
وفي يوم ربنا ما يوري حد أبدا اللي شفناه.... دعاء كان عندها امتحانات وكلية الطب صعبة ومحتاجة تركيز... أما أحمد أصغرنا كان بطبيعته كلبوووز وبيحب الأكل أوي وبيجوع مننا بشكل سريع ومتكرر....
وفجأة سمعنا دعاء وأحمد بيصرخوا بصوت عالي "جعااااااااااانيييييين.... حرام عليكم عندنا مذاكرة ومش عارفين نقرأ كلمة واحدة من الجووووووووع"
قلت في عقل بالي... "لا لا لا لااااااااا.... بالمنظر دة مش حينفع معاهم لا طبق الفول ولا حتى الجبنة يا منيرة"... ولأننا استمدينا خبراتنا من قصص الأخرين وخاصة الأفلام والمسلسلات خطر على بالنا منظر الصياد الفقير اللي بيرجع كل يوم بمشنة سمك لأسرته وياكلوا ويشبعوا بأقل التكاليف....
دعاء: هيلي وهايدي ومحمد أصحابي في الكلية عندهم صنارات صيد... أنا حكلمهم نستلف منهم الصنارات انهاردة بس... أكيد حيوافقوا
أحمد: حرااااام عليكم... جعاااااااان... أنا ذنبي ايه انكم بتخلصوا الفلوس أول الشهر؟!! أنا عايز أكل دلوقت مليش دعوة لو مأكلتونيش حنزل لطنط وهيبة في الشقة اللي تحتنا وأقولها تأكلني عندها... وتبقى فضيحة... انتم حرين بقى
منال: خلاص بقى بلاش فضايح... مش كفاية امبارح الست طلعت لنا طبق رز وملوخية وفراخ.... يالله قوموا البسوا حنعدي على هيلي وهايدي ومحمد ناخد الصنارات ونروح نصطاد سمك.....
محمد: أنا ومنال حنصطاد وانتم تقعدوا تذاكروا على البحر لحد ما نطلع سمك يكفينا ان شاء الله
وبعد مرور ساعات طويلة واحنا في عرض سمكة واحدة بس تشبك في الصنارة بدأت الشمس في الغروب... وأنا ومحمد بنبص لبعضنا.... نتبادل نظرات دهشة مصحوبة بخيبة أمل.... (وأي خيبة... دي خيبة بالويبة على رأي عمتو ليلى)... أمال الناس دي بتطلع سمك ازاي؟ اشمعنا احنا؟!!!!
وفجأة لقينا أحد الصيادين يقترب منا...
الصياد: خذي يا أمورة السمكة دي عشان توريهم في البيت انك عرفتي تصطادي سمكة
أنا ومحمد ودعاء وأحمد اتلمينا حولين السمكة نتأملها...
أحمد: يا ترى حتكفينا احنا الأربعة؟
منال: أيوة لو عملنا سلطة كثير وجبنا عيش كثير حنشبع....
وبسرعة البرق كانت السمكة طارت من ايدينا لتصبح من نصيب ولد أد ركبتنا خطفها وطلع يجري... ومحمد بيجري وراه... محمد: انت يا وااااد... هات السمكة أحسن لك.....
لما كنا فرجة بحري يومها
منال: خلاص يا موسى (على أساس انه محمد موسى( يعني هو احنا كنا تعبنا فيها.... صحيح.... الكحكة في ايد اليتيم عجبة...
طبعنا لمينا الصنارات وأخذنا المشنات اللي كنا عاملين حسابنا نملاها سمك أشكال وألوان ورجعنا العربية (اللي كنا بنأخذها من ورا بابا وهو مسافر)
دخلنا أول محطة بنزين...
منال: من فضلك ب 3 جنيه
عامل البنزينة: بكم يا أفندم؟!!!!! قصدك ب 30 جنيه؟
منال: 3 جنيه بس لو سمحت... ولو التانك اتملى أكثر من كدة... انت اللي حتدفع من جيبك... مليش دعوة
عامل البنزينة: طيب حاضر (وحاسة انه بيقول في عقل باله ايه الناس المجانين دي)
نهايته... رجعنا البيت بخقي حنين... فكينا رهن زجاجة ا لتر بيبسي كولا وكان قيمة الرهن أيامها جنيه واحد فقط لنشتري به علبة فول حبشناه وقعدنا عليه مسحناااااه مسح لدرجة ان الطبق كان بيبرق مش محتاج غسيل
منال: يا لهوي... دة احنا عاملين زي ما نكون حشينا الطبق من جذوره....
ومن وقتها تم استبدال كلمة "طعام" بكلمة "حش" في قاموس عائلة موسى....
"الحش انهاردة لذيذ" .... "لأ الحش ناقصه ملح" .... "حنحش ايه انهاردة؟" .... "انزل يا أحمد هات لنا حش من عند طنط وهيبة"....
ومن يومها لم أجرؤ على مجرد التفكير في أن أصطاد سمك... قال أصطاد سمك قال؟!!! دة صيد السمك دة له ناسه... أه أمال ايه... هو أي حد كدة يجيب عصاية ويعلق فيها شوية طحالب خضراء يصطاد سمك؟
(بالضبط كدة.... طول اليوم واحنا بنستخدم أعشاب وطحالب خضراء في طرف الصنارة على أساس انها طعم.... بجملة البلاهة والسذاجة اللي احنا فيها....)
LOL….. LOL…. LOL… LOL… LOL
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
First Comment should be
ردحذفThanks gratefully my dear friend Ziad Abdel Tawab, u r the one who encouraged me to initiate this
?blog,(maybe a book later),who knows
I'm proud of our kind friendship for more than 13 years ago and i'll appreciate ur follow-up
revising my writing style and correcting my spelling mistakes as usual
:)