الجيران كلهم كانوا أصحابنا... وتقريبا كانوا أطفال أصحاب أحمد أخوية الصغير في الوقت اللي كنا أنا ودعاء ومحمد في أولى سنوات الجامعة... ولكن طبعا لطبيعتنا الطفولية كنا أكثر قربا للأطفال من باقي سكان العمارة اللي يمكن يكونوا في نفس أعمارنا....
ودائما ما كان بابا يتساءل بدهشة ... "أنا عايز أعرف سر الصداقة اللي بينكم وبين عيال العمارة.... انت يا بت انت منك ليها ليها له.... فين أصحابكم اللي في الجامعة؟!!!! مش مصاحبين الناس اللي في سنكم ليه؟!!!!"
الاجابة كانت أبسط من أن يندهش بابا أوي كدة.... بكل بساطة... لأن احنا من جوانا مازلنا أطفال... فطرتنا سليمة فلا مكان للكذب أو التلون في شخصياتنا... لما بنحب حد بنحبه بجد... حب غير مشروط.... من غير مصالح... بنزعل بسرعة وننسى ونتصالح برضه بسرعة... زي الأطفال بالضبط... عشان ملناش في التلميحات ولا الكلام بين السطور.... الأطفال كمان كدة بيحبوا بكل براءة وصدق... وهم أكثر فئة عمرية قادرة على فهم كلماتنا وتصرفاتنا كما هي... دون أي شكوك أو ظنون....
عشان كدة كانوا أصحابنا أوي.... لدرجة ان مرة بابا دخل الشقة لقى ابن الجيران الطفل الصغير واسمه "معن" قاعد في الصالة وفاتح التلفزيون وبيتفرج لوحده في هدوء... بابا سأل صفاء الشغالة
بابا: أمال فين منال ودعاء؟
صفاء: لسة في الجامعة
بابا استغرب أوي وسأل ابن الجيران
بابا: أمال انت قاعد هنا بتعمل ايه؟...
معن: مستني منالوتي ودعاءووتي لما ييجوا عشان ألعب معاه
بابا: قوم يا ولة روح بيتكم ولما ييجوا حبقى أنده لك
يا عيني الواد معن أخد بعضه ونزل وهو مدلدل قفاه اللي لازم ياخد له كف خفيف كدة من بابا في كل مرة يمشيه فيها من البيت...
وبالرغم من كل دة... كان كل أطفال العمارة يوموتوا في حاجة اسمها "عمو موسى" لأنه كان بيعمل كل دة بحنية وأبوة شديدة جدا لا تخلو من الضحكات الساخرة أحيانا....
دريد وحاتم وبهاء أولاد الجيران في الشقة اللي قصادنا... خضر ومازن ومهند ومعن ووديان ولاد طنط وهيبة (اللي كانت متولية مهمة اطعامنا الحش اللذيذ) في الشقة اللي تحتنا
بقية الجيران كانوا مانعين عيالهم يصاحبونا ولو ان العيال كان نفسهم ينضموا للنادي المفتوح 24 ساعة في شقتنا.... بس أهاليهم كانوا شايفين اننا عيال أشقياء وعائلة عاشور...وصبيان وبنات... داخلين خارجين من غير أب وأم في البيت يشكمونا....
أما احنا بدورنا كنا في غاية الاستمتاع بصداقة أطفال العمارة... ليه لأ وهم كانوا مدلعيننا أخر دلع... يسرحوا لنا شعرنا ويهرشوا لنا ظهرنا ويعملوا لنا مساج ويحكوا لنا حواديت ألف ليلة وليلة بتاعتهم دي قبل في السرير لحد ما نروح في النوم ويغطونا ويطمنوا علينا وبعدين يرجعوا لأهاليهم بقى....
واستمر الوضع دة سنوات طويلة لحد ما الأطفال دول نفسهم كبروا ودخلوا الجامعة وكمان في منهم ارتبطوا بقصص حب واتجوزوا ولسة كلنا أصحاب لحد دلوقتي....
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق