مرة في أخر أسبوع من شهر ديسمبر سنة 1992 رن جرس التلفون (أيامها كان تلفون المصلحة وكان لونه رصاصي بقرص مدور عشان نلف أرقام التلفون واحنا بنتصل)
حمادة عاشوووووور: هااااااااااااااي..... احنا جايين لكم اسكندرية بكرة ان شاء الله
منال: هاهاهاهاهاهاهاهاها.... أوكي مستنيينكم وبالمرة نقضي ليلة رأس السنة مع بعضنا
في السنة دي كناش لسة نعرف نادية السنوسي.... صديقة عائلة عاشور في القاهرة... بس من كثر ما احنا وعائلة عاشور كنا واخدين على بعض أوي لأننا تقريبا متربيين سوى... كان عادي جدا انهم يعزموا أصحابه عندنا ليقيموا بشكل كامل في بيتنا....وأكننا كلنا أصحاب من زمان برضه
بس نادية السنوسي الى حد ماما كانت شخصية طبيعية... جالها انهيار عصبي لما شافتنا احنا وعائلة عاشور ملمووومين على بعض... اعتبرت اننا كائنات هلامية... أكيد جايين من كوكب تاني بس ال UFO اللي اللي كنا راكبينه اصطدم بكوكب الأرض بطريق الخطأ وقال يعني بقى عشان احنا معندناش فكرة اننا نصلحه اضطرينا للتأقلم مع سكان كوكب الأرض
شادن: ها يا حلوة منك ليها... ايه الخروجة اللي حضرينها لنا ليلة رأس السنة؟ شكلكم موكوسين وحتوكسووونا عاكم زي كل مرة
نادية: هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها.... وانتم بقة متعودين تسهروا في مكان زي بقية سكان كوكب الأرض ولا نظام أبو 30 قرش... وأنا عايز منك 1/2 جنيه من امبارح.... وناويين تفضحوووناااااا؟
منال: لا لاااااااااااا
معانا فلوس المرة دي الحمد لله.... ايه رأيكم في فندق فلسطين في المنتزة؟ أنا مرة كنت هناك الصيف اللي فات وشفت حفلة في الجنينة المفتوحة على البحر.... المنظر كان حلو أوي.... وأكيد حيكرروا الحفلة ليلة رأس السنة... مش معقول يفووتوهم ناسبة زي دي للاحتفال بيها (وكان أيامها فندق فلسطين أكبر وأفخم فندق في اسكندرية كلها.... على أد معلوماتي وقتها)
موسى وحمادة: أيوة أكيد حتكون سهرة نوبل عشان على البحر
وقمنا جرينا كلنا زي النحل في الخلية اللي ياخد دوش واللي بيسنفر بشرته بالكريمات واللي ملحوس وجه بماسك الزبادي واللي ممدد على السرير بيسترخي وغطي عينيه بالخيار واللي بيغسل هدومه واللي بيكوي في محاولة جدية مننا اننا نكون بنبرق ونلمع في سهرة ليلة رأس السنة....
وفي تمام الثانة مساء كنا كلنا ناس تانية خالص.... نجوم سينما....
ونزلنا أخدنا عربية بابا اللي برضه بنستعملها من وراه... المهم اننا اتحشرنا كلنا في العربية وكنا تقريبا 8 أو 7 أفراد... ازاي ش عارفة... بس زمااااااان كان في بركة في كل حاجة
وصلنا المنتزة.... قطعنا تذاكر الدخول وبدأنا نستشف طريقنا الى فندق فلسطين... دخلنا الفندق وسألنا على حفلة رأس السنة في الجنينة المفتوحة على البحر...
أجابنا موظف الاستقبال: لا يا افندم الحفلة في قاعة مغلقة..... جنينة ايه وبحر ايه في ديسمبر؟!!!!
منال: طيب عيزين تربيزة في القاعة من فضلك
موظف الاستقبال: حضراتكم حاجزين تربيزة؟
حمادة: لأ مش حاجزين
موظف الاستقبال: أنا أسف بس الحفلة محجوزة بالكامل
وبعد ما شكرنا موظف الاستقبال خرجنا من الفندق وركبنا العربية لنجد نادية السنوسي بأعلى صوتها بتقول:
"تصدقوا بالله.... انتم عائلة مجانين وأنا أستاهل كل اللي يجرى لي اني جيت اسكندرية.... حفلة ايه اللي جنينة على البحر في عز الشتاء يا أهبل خلق ربنا في الأرض؟ ومتلمعيينلي ومتأمعيينلي.... جاتكم 60 خيبة على خيبتكم
منال: هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها..... خلاص يا ولية اتسدي.... أنا عندي اقتراح تاني...
حمادة: تاني ايه وتالت ايه... خلاص بقى... أكيد كل الفنادق محجوزة ومش حنلاقي ولا تربيزة فاضية
منال: أصحاب في الكلية قالوا لي مرة في مكان بيبيع سندوتشات فول وفلافل وسجق وبسطرمة حلو أوي في بحري... اسمه سيد صواريخ... ايه رأيك نروح نتعشى هناك... مكان بسيط وأكيد مش حيكون زحمة في ليلة زي دي
جاءت الموافقة جماعية... مش بمزاجنا...ما هومفيش اختيار تاني....
ولأننا في حكم السواح الأجانب... لم نستدل على سيد صواريخ بسهولة وانما بعد اللفلفة في كل حواري وأزقة بحري مسيبناش بني أدم واحد ليلتها ماشي في الشارع غير لما سألناه... سيد صواريخ منين لو سمحت... وموسى هو اللي كان متولي مهمة الاستفسار عن العنوان في خطوات ثابتة كل مرة وهي:
1- انزال زجاج الشباك الأمامي
2- يتنحنح شوية
3- "سلامو عليكم"
4- "سيد صواريخ منين من فضلك"
5- يعقبها أصوات ضحكنا العالية على موسى وهو بيجيب شلل للراجل على ا الكلام يطلع منه ويدلي بسؤاله
نادية: هي سلامو عليك دي هي السبب في التوهان اللي احنا فيه... عارف يا موسى لو قلت سلامو عليكم بعد كدة حطبق في زمارة رقبتك... اسأل على هباب صواريخ بتاعك دة دوغري من غير سلامو عليكم... الهي يوكسكم كلكم... أشوف فيكم يوم
وفي أخر مرة سأل السؤال دة الراجل بص لنا كلنا وشاور لنا على اليافطة في دماغنا " أهه... سيد صواريخ أهه... انتم واقفين قدامه وبتسألوا عليه ؟!!!!! لا حول ولا قوة الا بالله"
طبعا احنا فطسانين من الضحك أصلا على "سلامو عليكم" بتاعة موسى اللي مرضيش يقولها المرة دي... بس احنا برضه تخيلناه بيقولها وضحكنا....
والله أنا متأكدة ان الراجل كان فاكرنا شاربين بانجو.....
أخيرا نزلنا من العربية بعد لفلفة طويلة عريضة ورستأنا نفسنا على تربيزتين في الشارع قدام محل قديم ومحندق.... لكن اللي كان واضح اوي ان الشارع والمحل والتربيزات والكراسي كانت منشزة أوي مع مظهرنا الأبهة
طلبنا السندوتشات... اشي فول واشي فلافل... مش بس كدة... فول بالسجق وبيض بالبسطرمة وفول بالصلصة (بابا الله يرحمه كان بيعمله لنا في البيت وكان بيقول لنا اسمه فول بالتجديعة)
فضلنا تاكل ونطلب وناكل ونشرب مرة حاجة ساقعة ومرة شاي بلبن عشان نبلع السندوتشات... ولما اقتربت عقارب الساعة من 11 ونصف فوجئنا بالصبي اللي بينزل لنا الطلبات بيقول لنا: "خلاص يا افندية.... شطبنا"
واحنا كلنا في صوت واحد: "ليييييييييييه؟!!!!! لسة الساعة مجتش 12"
رد الصبي: "أعمل لكم ايه؟ الأنبوبة خلصت"
وطبعنا عشان احنا جهلة مش فاهمين حاجة في دنيتنا... لا عارفين يعني ايه أنبوبة خلصت ولا ايه ستودع بيقفل بالليل بدري ويفتح تاني يوم الصبح عشان الناس تستبدل الأنابيب الفاضية... ردينا بكل سذاجة وبراءة:
"طيب أوكي حنستناك لما تجيب أنبوبة تانية.. احنا لسة جعانين مشبعناااش"
جاء رد الصبي قاطعا وحاسما المرة دي: "بكرة... الأنبوبة مش حتتغير غير بكرة وعليكم بخير... الحساب يافندية"
وبدأت رحلة الفضايح اياها... لتقطعها نادية السنوسي بجملة واحدة.... "بقول لكم ايه... انا حدفع الحساب كله مرة واحدة وبعدين انتم حاسبوني في البيت... أبوس ايديكم.. كفاية فضايح لحد كدة... مش حنقعد نلملم 35 قرش من هنا و50 قرش من هنا واللي مش لاقي فكة..."
نادية حاسبت ورجعنا البيت تمام الثانية عشر نتصف الليل لنفاجئ واحنا بنركن العربية تحت العمارة بوابل من الزجاج بيتحدف في الشارع من كل بلكونات وشبابيك عمارات الشارع كله.... ودي عادة يونانية قديمة أوي ورثها أهل اسكندرية من سكانها اليونانيين اللي سكنوا مدينة الأسكندرية لسنوات طويلة مضت......
من يومها لم نجرؤ على أن نفكر.... مجرد التفكير اننا نسهر برة البيت ليلة رأس السنة بقى لنا أكثر من 17 سنة فضلنا فيها الاستمتاع بمشاهدة أول اعلان ييجي في التلفزيون على القناة الأولى بعد ما الساعة تدق 12 منتصف الليل عشان عرفنا انه بيكون أغلى اعلان... (مش عارفة الحكاية لسة شغالة الى وقتنا هذا ولا لأ مع ظهور الفضائيات والقنوات التي لا حصر لها)... ومشاهدة الألعاب النارية في السماء من بلكونة الصالة اللي كانت بتنور السماء ليلتها والأطفال اللي بيرموا أكياس نايلون مليانة مية على راس أي حد معدي في الشارع... اضافة الى الناس اللي لسة بيرموا زجاج في الشارع... العادة اليونانية لم تنقطع بعد....
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق